فصل: 7- تداخل السجدات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.4- ما يشترط له:

اشترط جمهور الفقهاء لسجود التلاوة ما اشترطوه للصلاة، من طهارة واستقبال قبلة وستر عورة.
قال الشوكاني: ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئا، وقد كان يسجد معه صلى الله عليه وسلم من حضر تلاوته ولم ينقل أنه أمر أحدا منهم بالوضوء، ويبعد أن يكونوا جميعا متوضئين، وأيضا قد كان يسجد معه المشركون، وهم أنجاس لا يصح وضوءهم.
وقد روى البخاري عن ابن عمر أنه كان يسجد على غير وضوء، وكذلك روى عنه ابن أبي شيبة، وأما ما رواه البيهقي عنه بإسناد - قال في الفتح: إنه صحيح - أنه قال: لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر فيجمع بينهما بما قاله الحافظ من حمله على الطهارة الكبرى.
أو على حالة الاختيار، والأول على الصرورة، وهكذا ليس في الأحاديث ما يدل على اعتبار طهارة الثياب والمكان، وأما ستر العورة والاستقبال مع الإمكان فقيل: إنه معتبر اتفاقا.
قال في الفتح: لم يوافق ابن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي.
أخرجه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح.
وأخرج أيضا على أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ السجدة ثم يسجد وهو على غير وضوء إلى غير القبلة وهو يمشي ويومئ إيماء.
ومن الموافقين لابن عمر من أهل البيت أبو طالب والمنصور بالله.

.5- الدعاء فيه:

من سجد سجود التلاوة دعا ما شاء، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك إلا حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن: «سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين» رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
ورواه الحاكم وصححه الترمذي وابن السكن، وقال في آخره ثلاثا على أنه ينبغي أن يقول في سجوده: سبحان ربي الاعلى، إذا سجد سجود التلاوة في الصلاة.

.6- السجود في الصلاة:

يجوز للامام والمنفرد أن يقرأ آية السجدة في الصلاة الجهرية والسرية ويسجد متى قرأها.
روى البخاري ومسلم عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة صلاة العتمة أو قال صلاة العشاء فقرأ: {إذا السماء انشقت} فسجد فيها فقلت يا أبا هريرة ما هذه السجدة؟ فقال سجدت فيها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجدها حتى ألقاه.
وروى الحاكم وصححه على شرط الشيخين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر فرأى أصحابه أنه قرأ الم تنزيل السجدة.
قال النووي: لا يكره قراءة السجدة عندنا للامام كما لا يكره للمنفرد، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، ويسجد متى قرأها.
وقال مالك: يكره مطلقا.
وقال أبو حنيفة: يكره في السرية دون الجهرية.
قال صاحب البحر: وعلى مذهبنا يستحب تأخير السجود حتى يسلم لئلا يهوش على المأمومين.

.7- تداخل السجدات:

تتداخل السجدات ويسجد سجدة واحدة إذا قرأ القارئ آية السجدة وكررها أو سمعها أكثر من مرة في المسجد الواحد بشرط أن يؤخر السجود عن التلاوة الاخيرة، فإن سجد عقب التلاوة الأولى فقيل: تكفيه وقيل: يسجد مرة أخرى لتجدد السبب.

.8- قضاؤه:

يرى الجمهور أنه يستحب السجود عقب قراءة آية السجدة أو سماعها.
فإن أخر السجود لم يسقط ما لم يطل الفصل.
فإن طال فإنه يفوت ولا يقضى.

.سجدة الشكر:

ذهب جمهور العلماء إلى استحباب سجدة الشكر لمن تجددت له نعمة تسره أو صرفت عنه نقمة.
فعن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره أو بشر به خر ساجدا شكرا لله تعالى، رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه.
وروى البيهقي بإسناد على شرط البخاري أن عليا رضي الله عنه لما كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام همذان خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال: «السلام على همذان، السلام على همذان».
وعن عبد الرحمن ابن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فاتبعته حتى دخل نخلا فسجد فأطال السجود حتى خفت أن يكون الله قد توفاه، فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: «ما لك يا عبد الرحمن؟» فذكرت ذلك له فقال: «إن جبريل عليه السلام قال لي: ألا أبشرك؟ إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله عز وجل شكرا» رواه أحمد، ورواه أيضا الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا، وروى البخاري أن كعب ابن مالك سجد لما جاءته البشرى بتوبة الله عليه.
وذكر أحمد أن عليا سجد حين وجد ذا الثدية في قتلى الخوارج.
وذكر سعيد بن منصور أن أبا بكر سجد حين جاءه قتل مسيلمة.
وسجود الشكر يفتقر إلى سجود الصلاة، وقيل لا يشترط له ذلك لأنه ليس بصلاة.
قال في فتح العلام: وهو الاقرب.
وقال الشوكاني: وليس في أحاديث الباب ما يدل على اشتراط الوضوء وطهارة الثياب والمكان لسجود الشكر.
وإلى ذلك ذهب الإمام يحيى وأبو طالب وليس فيه ما يدل على التكبير في سجود الشكر.
وفي البحر أنه يكبر.
قال الإمام يحيى: ولا يسجد للشكر في الصلاة قولا واحدا إذ ليس من توابعها.

.سجود السهو:

ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسهو في الصلاة، وصح عنه أنه قال: «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني».
وقد شرع لامته في ذلك أحكاما نلخصها فيما يلي:

.1- كيفيته:

سجود السهو سجدتان يسجدهما المصلي قبل التسليم أو بعده، وقد صح الكل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدركم صلى، ثلاثا أم أربعا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم».
وفي الصحيحين في قصة ذي اليدين أنه صلى الله عليه وسلم سجد بعد ما سلم.
والافضل متابعة الوارد في ذلك فيسجد قبل التسليم فيما جاء فيه السجود قبله، ويسجد بعد التسليم فيما ورد فيه السجود بعده، ويخير فيما عدا ذلك.
قال الشوكاني: وأحسن ما يقال في هذا المقام أنه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم من السجود قبل السلام وبعده، فما كان من أسباب السجود مقيدا بقبل السلام سجد له قبله، وما كان مقيدا ببعد السلام سجد له بعده، وما لم يرد تقييده بأحدهما كان مخيرا بين السجود قبل السلام وبعده من غير فرق بين الزيادة والنقص، لما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين».

.2- الأحوال التي يشرع فيها:

يشرع سجود السهو في الاحوال الاتية:
1- إذا سلم قبل إتمام الصلاة لحديث ابن سيرين عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي فصلى ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه، ووضع خده على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا قصرت الصلاة؟ وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: «لم أنس ولم تقصر» فقال: «أكما يقول ذو اليدين؟» فقالوا: نعم..فقدم فصلى ما ترك ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه الحديث رواه البخاري ومسلم.
وعن عطاء أن ابن الزبير صلى المغرب فسلم في ركعتين فنهض ليستلم الحجر فسبح القوم فقال ما شأنكم؟.
قال فصلى ما بقي وسجد سجدتين.
قال: فذكر ذلك لابن عباس فقال ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والبزار والطبراني.
2- عند الزيادة على الصلاة، لما رواه الجماعة عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمسا فقيل له.
أزيد في الصلاة؟ فقال: «وما ذلك؟» فقالوا: صليت خمسا، فسجد سجدتين بعد ما سلم.
وفي هذا الحديث دليل على صحة صلاة من زاد ركعة وهو ساه - ولم يجلس في الرابعة.

3- عند نسيان التشهد الأول أو نسيان سنة من سنن الصلاة، لما رواه الجماعة عن ابن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فقام في الركعتين فسبحوا به فمضى، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ثم سلم.
وفي الحديث أن من سها عن القعود الأول وتذكر قبل أن يستتم قائما عاد إليه، فإن أتم قيامه لا يعود.
ويؤيد ذلك ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، وإن استتم قائما فلا يجلس وسجد سجدتي السهو».
4- السجود عند الشك في الصلاة، فعن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أواحدة صلى أم ثنتين فليجعلها واحدة، وإذا لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثا فليجعلها ثنتين وإذا لم يدر ثلاثا صلى أم أربعا فليجعلها ثلاثا، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه.
وفي رواية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى صلاة يشك في النقصان فليصل حتى يشك في الزيادة» وعن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان» رواه أحمد ومسلم.
وفي هذين الحديثين دليل لما ذهب إليه الجمهور من أنه إذا شك المصلي في عدد الركعات بنى على الاقل المتيقن له ثم يسجد للسهو.

.صلاة الجماعة:

صلاة الجماعة سنة مؤكدة ورد في فضلها أحاديث كثيرة نذكر بعضها فيما يلي:

1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» متفق عليه.
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت لها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث: اللهم صل عليه اللهم ارحمه. ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة» متفق عليه وهذا لفظ البخاري.
3- وعنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال له: «هل تسمع النداء في الصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» رواه مسلم.
4- وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالفه إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم» متفق عليه.
5- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف». رواه مسلم.
وفي رواية له قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى: الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.

6- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» رواه أبو داود بإسناد حسن.

.1- حضور النساء الجماعة في المساجد:

وفضل صلاتهن في بيوتهن:
يجوز للنساء الخروج إلى المساجد وشهود الجماعة بشرط أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة والطيب، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد، وبيوتهن خير لهن».
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات» رواهما أحمد وأبو داود.
وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الاخرة.» رواه مسلم وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.
والافضل لهن الصلاة في بيوتهن، لما رواه أحمد والطبراني عن أم حميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. فقال صلى الله عليه وسلم: «قد علمت، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجد الجماعة».